<div align="center"><div><div style="margin:auto;text-align:center;width:100%">بسم الله الرحمن الرحيم <br><br>عاشق ساعات الانتظار ... ونظرة جديدة للانتظار<br><br>قال لي صديقي : أمس ضحكت زوجتي فأنا كنت أقرأ في الصباح <br>سورة آل عمران، وخرجتُ لعملي، وإذا بي قبل النوم أقرأُ سورة هود.. فقالت: ما بك؟ <br>أصبحتَ تتنقَّل بين السور على غير عادتك في ختم القرآن!<br>هل لأنك تحب سورة هود أم أنك تقرأ وردك برموش عينيك..؟<br>قلت لها : سأحكي لكي لاحقًا، لكنها نامت.<br><br>في الصباح كنَّا على موعدٍ عائلي، ولمَّا كانت زوجتي تتأخر في "الجهوزية"..<br>فقد لبستُ ثياب الخروج، وأمرت الكبار بمساعدة الصغار وإنزال الشنط للسيارة.<br>وسحبت كرسي وجلست بجوار باب الخروج، ومعي مصحفي،<br>فكانت تتوقع مني أن أرفع صوتي وأصيح بصوتي الجهوري لها هيَّا..<br>تأخرتي.. لكنها كانت تسمع قراءة القرآن، وعند آيات الرحمة كنت أرفع صوتي <br>فهمَّت زوجتي وقالت: سبحان الله ربنا يهدي..<br>أين موشحات الحِفاظ على الموعد وضرورة السرعة في "الجهوزية"؟<br>ضحكتُ وقلت لها: يكفي23 عامًا من النصائح.<br><br>وكان لي موعد عند أحد الزبائن لكنه أبقاني في حجرة الجلوس<br>نصف ساعة معتذرًا بأدب، فتناولت مصحفي وأنهيتً وردي.<br>خرجتُ في مشوارٍ إلى وسط البلد بزحامها وضوضائها وزخمها<br>أخذتُ ابني معي ليقود السيارة، وتناولت مصحفي ولم أحس بالزحام ولا الضوضاء<br>ولا أي شيء بل السكون والراحة والسلام يملأ حياتي،<br>لكن الدموع نزلت من عيني ليست دموع الفرح ولا دموع تأثُّري بالآيات الجليلة<br>إنما هي دموع الندم ..<br><br>يا الله .! <br>كم فرطنا من ساعاتٍ، هل يُعقل أنني أختم القرآن في حوالي 5 أيام<br>من ساعات الانتظار، هذه الأوقات التي كانت كلها <br>توتُّر وتبرُّم وضيق وانزعاج.. فكم قصَّرتُ في حق نفسي..؟<br>هل يُعقل أنني أصبحت أحبُّ ساعات الانتظار!!.<br><br>في انتظار الطعام ذلك الموعد المقدس الذي أحافظ عليه مع أولادي<br>حين يتأخر الطعام كنت أنزعج.. لكني أمسكت مصحفي وعلا صوتي عند الآية <br>﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ <br>(الإسراء: من الآية 82).<br>قالت لي زوجتي: إن قراءتك هذه تركت انطباعًا طيبًا <br>لدى الأولاد كلهم كبارًا وصغارًا، فهم بالرغم من أنهم يحفظون القرآن <br>منذ الصغر إلا أن صوتك الطيب بحشرجته الخفيفة وإحساسك بالمعاني جعلهم<br>يشتاقون لذلك، ويقولون: إنهم يتذكَّرون الآيات التي قرأتها ويقلدونك.<br>أين أنت يا رجل..؟!.<br>يا الله .! <br>نزلت عليَّ الملاحظة كالصاعقة، فكم قصَّرت في حقهم، <br>فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: <br>"كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته".. <br>فغياب القدوة في القرآن بالبيت وغياب القدوة في الأذكار والصيام والأوراد.. <br>يجعل تعليماتك لهم بأداء أعمالهم التعبدية باهتةً ودون روح..<br>وتصبح التعليمات أمرًا من ضمن آلاف الأوامر التي يسمعونها صباحَ مساء.<br>يا الله .! <br>كم ضيعت عليهم ساعات الطمأنينة والهدوء والسلام التي كان يحققها القرآن؟.. <br>ضيعت عليهم الرحمة والنور ومباركة الملائكة..<br>ضيعت عليهم الشفاء وينابيع الخير والعطاء التي يمنحنا إيَّاها القرآن<br>أأنا السبب؟.. الله المستعان.. <br>لكن عذرًا فأنا من سيزرع فيهم عشق ساعات الانتظار ..<br>اللهم أكرمنا بكرم القرآن, وشرِّفنا بشرف القرآن, واجعلنا من أهله.<br>بقلم : علي اليسَّار / داعية إسلامي</div></div></div>