موضوع: ما اصعبه من احساس السبت يوليو 02, 2011 3:07 am
[b]
تخيل معي … وأنتَ تجَمع همك ومن وسط الرماد تنفخ في صبرك الذابل… وإن كتمتَ الهم بين ضلوعك عيونك تبوح… وفي صفحة الصمت تقرأ حروفك … صرت لا تملك إلا أن تستنطق بقايا حروف …ليفضح الحرف ما ان كتم… لكن أي بوح يشفي الجراح…تغادر أفكارك
وحين تعود تجدها بانتظارك… تهرب من الواقع بصمتك… لكن كيف لك أن تهرب من نفسك… تكوي روحك بتنهيدة علها بالكي تنسى أو تجبرها على التناسي… لكن يظل لحروفك صدى ونواح… ولعيونك محاجر دموع…
تصمت وفي صدرك تتصارع.. تتعارك الكلمات… أيها يخرج أولا لحظة احتضان القلم واحتضار الحرف وافتراش الورق… فمهما كان الصمت كاتما لابد يوما أن يصرخ… وعندما يكون الصمت تصبح النظرة حكاية… وتصبح الكلمات الحبلى في حالة الطلق ويقوم القلم بفضحها أمام العلن… فعندما يحس القلم يجاري مداده الإحساس… عندها تجد من احتضن البوح ومن داس عليه ومن اهتز له… ربما لأن الكلمة لامست همومه… أو أعادته إلى آلام قد خلت وطواها النسيان.. لكنها تعود بانبعاث الإحساس في حطام لها خلفه الزمن… وهناك من يلوح من بعيد ويجرم البوح ويعلن المحاكمة… محاكمة الحرف… محاكمة الوجود.. كمن يلوم المولود على الحياة وهو بلا ذنب ولو خير بين الوجود واللاوجود.. لاختار اللاوجود.. فالوجود ليس إلا ترجمة للألم والمعاناة… فكيف نحاكم الحرف الذي لو خير لاختار هو الآخر اللاوجود…؟؟ فهي ليست إلا حروفا تنتحر على البياض وأخرى تنتظر لحظة الإعدام في ساحة البوح… لتمنح الحياة لقلب ممزق انكوى بصقيع الغربة…
فجأة سيكسر الصمت برنة هاتف.. تُجيب.. فإذا بالصوت حزين.. لتقول: لستُ وحدي.. يحدد الزمان فالمكان ثم يكون اللقاء.. و قبله تقصد المكان قبل الوقت المحدد.. اخترت طاولة بعيدا عن صخب الناس.. اخترت الهدوء فكان الجلوس.. بعد دقائق يكون الالتقاء.. ثم تبدأ الحكاية… إنها حكاية ألم… صاحبها بك يستغيث… ومنك يطلب العون… تتسابق دموعه مع كلماته.. فتغلب الدموع على الحديث… وكأنها تفترش الطريق للكلمات وتحزم حقائب الحرف في سفينة البوح…
عندها تغادر حيث الهدوء… تجول حيث الصمت… تصبح العيون مصنعا لبِلَّوْر الدمع… فتدرك أن من يصمت قد يحمل بين ضلوعه انفجارا… أو يكون ممن علمتهم الحياة العَضَّ بنواجذه على الصمت حتى يتمكن من إتقان فن إخفاء نفاذ الصبر… فتجده يُعد الدمعات ويُعيد الذكريات.. وترى في وجهه الألم.. وملامحه قد رسمت بالهموم… تود سؤاله… ماذا حل به… ماذا جرى له… لكن تخاف من دموعه ومن جروحه… لتظل الحيرة تكبر في رحم الخيال…
تمد يدك تمسح الدمع… تحاول أن تلملم بقايا قلب حزين… تحاول أن تبث فيه روح الحياة من جديد… تحاول أن تُعمره بالبناءوالصبر والتحدي… لكن تخيل معي… أن من لجأ إليك يشتكي… ومن طلب عونك… استاء منك وأودعك سرا… لا لرميه في غياهب قعر الذاكرة… و إنما لأنه يريد منك حلا… يزداد صمتك… و تكبر الحيرة لتتعمق… عندما ترى أنك تعيش نفس المشكلة نفس الحزن… ولم تجد منه المهرب… فكيف لك أن تعين… وكان الغارق في الهموم يتعالى صراخه طالبا النجدة ويمد يده إليك… وأنت يدك مقطوعة… مشلولة… إنه الإحساس بالعجز… وما أصعبه من إحساس…