صرت بارعا في تصليح الاجهزة الالكترونية و قمت بتصليح جميع الاجهزة التي كانت معطلة. و قد مرت الان 9 أشهر، تعلمت بعض اللغات الاجنبية و أصبحت أتكلم بها بطلاقة و أكتب بها رسائل إلكترونية و قصائد... مع مرور الوقت بدأ الامر يصبح مملا، فتكرار نفس الانشطة يوميا في زنزانة مغلقة لا أحد يكلمك فيها، أمر يصيبك بالملل. أفتقد الجميع من بينهم والداي إخوتي و أصدقائي. بدأت أحس أنني مسجون ليس الامر كما كان عليه في البداية، عرفت الان بالذات أنني بالغت في الامر و أن ذالك كان فكرة جنونية فلا إنسان عاقل يستطيع فعل المثل و أنا اقترفت أكبر خطأ و هو التخلي عن حريتي و العيش بين الناس من أجل اتباث أشياء ليست مهمة.
أريد الخروج من هذا المكان لكن الشيء الوحيد الذي يمنعني هو ذاك العقد اللعين فالمدير التزم به و علي الالتزام بل أنا مجبر على أن ألتزم به و أنفد ما جاء فيه و في لحظة أحسست بغضب شديد و كسرت جميع ما كان في الزنزانة من أجهزة لم يبقى شيء صالح للاستعمال، كل ما أتمناه الان هو التحدث إلى شخص ما حتى لو كان الامر بداخل السجن لم يهمني بقائي في هذا الجحيم ما دام هناك شخص معي. كنت أنتظر الحارس الذي يحظر لي الطعام و أكلمه ، كنت أنتظر بفارغ الصبر حتى الوقت الغداء و أحظر الطعام و كنت أناديه من تلك النافدة الصغيرة الموجودة بالباب و التي أستلم منها الطعام لكنه لم يجبني و خطى خطواته بعيدا لم يتفوه بكلمة واحدة كأنني غير موجود.
أحاول أن أتمالك نفسي و اهدأ لكن لا فائدة رؤية تلك الجدران الاربعة من حولي كانت تفقدني صوابي، بدات بضرب الباب بكل ما أتيت من قوة لكن لا أحد يرد علي ، حتى بلغ بي المطاف البدء بالصراخ أيضا و بعد مدة وجيزة سمعت صوت أقدام تتجه نحو الزنزانة و بدأت أصرخ طالبا النجدة و أن يخرجوني من هذا المكان. وصل ذاك الشخص إلى زنزانتي لكن لم أستطع رؤيته و معرفة من كان فتلك النافدة الصغيرة كانت تفتح من خارج الزنزانة، توقفت عن الصراخ و خيم صمت شديد بالمكان مع أنني أحس بأن ذاك الشخص لا يزال هناك و هو ساكت. لم يتكلم أي أحد منا لمدة طويلة، كانت تجول ملايين الافكار الجنونية في عقلي في تلك اللحظات مثلا لو فتح ذاك الشخص الباب أقتله و اهرب، لكن ضميري كان ينهي عن التفكير في ذالك فأنا لست و لا أريد أن أكون قاتلا. أردت إلقاء التحية لكن الكلمات توقفت في فمي و لم أستطع النطق بأي كلمة كأن صوتي قد أختفى أو أنني نسيت طريقة الكلام، بدأت في طرح التساؤلات في دهني : كيف ، لماذا لا أستطيع أن أقول شيئا.
ساد الصمت في الاجواء حتى جمعت كل شجاعتي و نطقت بجملة واحدة فقط :
- مر..مر..مرحبا، من أنت ؟ أنا أعرف أنك واقف هناك.
لم يجبني لكنني كنت متأكد بأنه هناك كنت أسمع صوت انفاسه و عدنا إلى الصمت مجددا إلى أن قلت مرة أخرى :
- مرحبا أرجوك أجبني ، انسى ما قلته إذا كنت لا تريد التكلم أرجوك اذهب عند المدير و اطلب منه أن يضعني مع السجناء الاخرين حتى تنتهي المدة أرجوك أنا أتوسل لك.
لكنه لم يجبني ما زال و لم يتحرك من مكانه و كنت أنا أناديه و هو صامت كأنه يستمتع بذالك، فجأة فتح تلك النافدة و وضع الطعام رمى برسالة عبرها لكنني لم أستطع رؤيته و معرفة من يكون، رأيت فقط يديه قبل أن يقفل النافدة الصغيرة. احبطني ذالك فلم أهتم بالطعام لكن فضولي لمعرفة محتوى الرسالة جعلني أسرع لفتحها و كانت رسالة قصيرة من المدير.
