الحمد لله شق النور،وعلم هواجس الصدور،نافذ أمره دائم بره،واجب حمده لايرجى إلا نفعه،ولا يخشى إلا ضره،فتبارك اسمه وجل ذكره، محمود بكل لسان،معبود بكل زمان مقصود بكل مكان، أشهد أن لاإله إلا الله الرحيم الرحمن،وأشهد أن محمد عبده ورسوله ،المبعوث بالقرآن،الداعي إلى التوبة والإيمان صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه في كل حين وآن أما بعد فما أسرع الأيام تمر كلمح البصر،وإنها والله نذير للبشر،لايفرح الإنسان بمرورها بقدر مايحزن على فواتها،ففي تصرمها إنقضاء للعمروفي أفولها إنقضاء للدهر،وفي زوالها تقريب من الحفر،
إذا تم شئ بد نقصه ****ترقب زاولا إذا قيل تم
وفي هذه الأيام نستقبل أيام رمضان الغاليه العزيزة على النفس بعد أن طويت منذ عام كامل بما أودعناها من أعمال ستشهد علينا غدا امام الله تعالى ...
فاأهلا وسهلا بك أيها الضيف الحبيب،حللت أهلا ووطئت سهلا،وحيا الله الهلال الذي بشر بقدومك..
بحلولك تستأنس النفوس وبنزولك تطئن القلوب،لك في الخيال
ذكرى وفي النفس شجى ،وفي الصدر شوق ،وفي الأعماق حنين، جفت مآقينا يارمضان فأدركها،وأرهقت كاهلنا الذنوب فخففها،وتلاحقت النكبات على أفئدتنا فواسها،وتقلبت احوال الضمائر والنيات فطهرها، وتعرضت الأجساد لسخط الجبار فأنقذها، وتوالت صيحات الإستغاثة فأغثها.. أظلمت الدنيا في وجهي طويلا، بحثت عن سر السعادة فلم اجدها،
نمت...قمت...شربت..نشوت.. ..أكلت...شبعت...سافرت
طربت..صاحبت سهرت...عشقت نلت....مشيت سرت...أنفقت
بذرت....فرطت جهلت...وأخيرا تعبت وندمت وخسرت...
جربت كل شئ فلم يسعدني فعلت كل شئ فلم يرحني...
إليك يارمضان أبوح بخلجات الصدر..لن اجد من أئتمنه على نقلها كما هي سوى الثغر..فهو أسهل وسيلة للتغيير،فقد سئمت حياة المعاصي والتقصير،وأسرفت على نفسي بشكل منقطع النظير،ولكن إذاأراد الله فليس عليه عسير..
والآن ذقت طعم السعادة بعد ان عدت إلى الله عودة صادقة بإذن الله إني أرى الضوء أخضر والحياة وردية ،والأيام بيضاء، فلعلك يارمضان تكون خير معين لي على طاعة ربي، فأنت موسم البركات، في ظلك أتفيؤ ظلال المغفرة والرحمات، أنت شهر إقالة العثرات والتعرض من الله لأطيب ا لرحمات، أعاهدك يارمضان أن
أبداء صفحة جديدة مع الله، وأفتح سجلا ناصع البياض فلا تراني
إلا محافظا على الصلوات مع الجماعة في الصف الأول’
وإذا بحثت عني فأنا مشغول بتكحيل عيني بتلاة كتاب الله،أو تلمس
الطريق لأصل لأهل العوز والحاجة،لأنفق عليهم وأقوم بتفطير
الصائمين، وإن فترت فلا أفتر عن الدعوة لسبيل ربي، أو
الإستغفار وقت السحر عن سابق معصيتي،أو الدعاء بأن يتقبل الله
توبتي،ويغسل حوبتي، وإذا نام الأنآم صففت الأقدام في جنح الظلام لأقوم الليل خاشعا باكيا،وإن شاء الله سأزور بيت الله العتيق وأعتمر وأعتكف، لعلي أنسى الماضي الأليم،وأرجع بوجه وضاء جديد...
إني شاكر لنعم ربي التي طالما عصيته بها فيما مضى،خلفت الدنيا ورائي وطلقتها ثلاثا بلا رجعة،بعد شدة لجاج وغضب، فهي التي كانت تحركني وتتحكم في قلبي وعاطفتي..
ماأجمل العودة إلى الله!لقد أيقنت أن السعادة في طاعة الله، وأن
للإيمان طعما حلوا لم يتذوقه كثير من الناس، وأن في دنيانا هذه
جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة، وقد تاه أكثر عباد الله عن بابها.. إن رمضان فرصة للإنابة ومحاسبة النفس،والدنيا دار بلاء مشحونة بالمتاعب، مملؤة بالمصائب،طافحة بالأحزان،يزول نعيمها، ويذل عزيزها،ويشقى سعيدها،ويموت حيها،مزجت أفراحها بأتراح،وحلاوتها بمرارة، فلا تدوم على حال،ولا يطمئن لها بال،والموت لايعرف صغيرا ولا كبيرا ولا يستأذن أحدا،ولباسه لايستثني جسدا،فأدعو نفسي وكل من يقرأماتخطه بناني إلى التوبة،أتركواالرقدة والمنام،واهجروا المعاصي والإجرام،قبل تصرم الآجال وورود الحمام وليردد في هذا المقام
يارب إن عظمت ذنوبي كثرة
فلقد علمت أن عفوك أعظم
إن كان لايرجوك إلا محسنا
فمن الذي يدعو ويرجوالمجرم
أدعوك ربي كما أمرت تضرعا
فإذا رددت يدي فمن ذا يرحم
مالي إليك وسيلة إلا الدعا
وجميل عفوك ثم إني مسلما
يارمضان سأنتقل فيك من طاعة إلى طاعة يعصرني الألم على مامضى من التفريط،ويحدوني الأمل في مواصلة الصالحات، وتجديد العهد ورجاء القبول من الله،وأتمنى أن تطول أيامك يارمضان، فقد أبهجت قلبي وأنقذت حياتي،بروحانيتك وأجوائك وحلاوة أوقاتك وخصوبة أرضك، فلا تلمني إذا ذرفت عيني لفراقك ولا تؤاخذني إذا تحشرج صوتي متقطعا في لحظات وداعك..
ياراحلا وجميل الصبر يتبعه**هل من سبيل إلى لقياك يتفق
ماأنصفتك دموعي وهي دامية**ولا وفى لك قلبي وهويحترق
عذرا رمضان ..إن البكاء ليس كله للفراق،فهناك شئ أكثر بكثير فهو الذي يقض مضجعي، وينغص حياتي ،فلا أدري أغفر لي ربي أم تركني غارقا في لجة ذنوبي؟ فإن كان الأول فيا فوزي وسعادتي، وأن كان الثاني فيخسارتي وبؤسي... اللهم امنحني ولا تمتحني، وأعطني ولا تحرمني،وتب علي وسامحني، اللهم اجعل قلبي مملؤا بحبك، ولساني رطبا من ذكرك
ونفسي مطمئنة لأمرك، مستسلمة لقضائك..
يامن وثقت بعفوه هفوات المذنبين فما قطعها،وحرقت السموات
السبع دعوات التائبين فسمعها.وما ردها.. إلهي أطرقت من جلال هيبتك،وخجلت حياء من عظمتك، ووقفت سائلا ببابك، ولذت فقيرا بجنابك،ورست سفينة المسكين على ساحل كرمك، ترجو الجواز إلى ساحة رحمتك،اللهم إغفر لي ماقدمت وماأخرت، وماأسرت وماأعلنت، إلهي بالإساءة أقررت، وبالتقصير إعترفت، ولبابك قرعت ، ولمعروفك تعرضت، ولرحمتك خضعت، ومن فضلك سألت، فارحم ذل مقامي،وضعف قوتي،وقلة حيلتي وسلطاني، واجبر كسر قلبي،واختم بالصالحات عملي،وأقر برؤيتك في الآخرة عيني، وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصل اللهم وسلم على عبدك ورسولك محمد واله وصحبة اجمعين
