يأتينا شهر رمضان هذا العام فى ذروة أيام الصيف لنصوم أكثر من أربع عشرة ساعة يضاعف من مشقتها العطش.. فهل هناك نصيحة تجدى فى احتمالات المشقة وتخفيف الأثر؟
كيف يمكن أن نصوم دون أن تعطش خلايانا أو ينتهى الأمر إلى زيادة غير متوقعة فى أوزاننا؟
قد يحتمل الإنسان غياب الطعام لأيام عديدة لكن الماء هو مشكلته الأولى خاصة فى أيام تتعدى فيها درجات الحرارة الأربعين درجة كما يحدث الآن.
المعروف أيضا أن الصيام رغم فوائده العديدة للقادر منا إنما يختلف أثره من إنسان لآخر. يعتبر الجسم نفسه يواجه حالة من المجاعة حينما يبدأ الإنسان صيامه.
فتستعد كل الأجهزة لاكتناز الطاقة. يخفض الجسم معدلات استهلاكه للطاقة بقدر عشرة فى المائة من معدلاته الطبيعية لمواجهة احتمالات الخطر القادم. تحاول كل أعضاء الجسم الاحتفاظ بمدخراتها من الدهون لاستبدالها وقت الحاجة والتصرف فيها بحكمة. يصوم الإنسان نهاره ممسكا عن الطعام والماء إلى أن يعلو أذان المغرب فيبدأ فى تعويض حرمانه بكل الطرق المتاحة وألوان الطعام التى تحمل رائحة الدسم علامة مميزة لعلو قامة مطابخ العائلات وعراقتها. تدور ألوان الحلوى الغارقة فى الشراب وتتعدد أنواع المكسرات ويتبعها الشاى والمشروبات الغازية.
عادات حرصنا عليها وإن أهلكتنا واعتبرناها ميراثا يجب الحفاظ عليه فهل نتراجع هذا العام ولو قليلا فنسقط ولو بعضا منها بحثا عن نظام غذائى صحى يتيح لنا صوما يحقق الفائدة بدلا من الضرر؟
من أصح العادات الصحية الغذائية أن يبدأ الصائم إفطاره بتمرة أو اثنتين. فالتمر مصدر للطاقة السهلة لسكر الجلوكوز الذى يعبر بسرعة إلى الدم ليصل إلى الأعضاء الحيوية دائمة العمل مثل القلب والمخ.
كما أن التمر يكسر الرغبة فى الإقبال بسرعة على الطعام. يمكن للصائم أن يلحق بصلاة المغرب فى الفترة التى تستعد فيها المعدة لاستقبال الطعام والذى يحسن أن يبدأ بطبق من الحساء المفيد كالخضار أو الطماطم أو الخرشوف دون إضافات كالكريمة أو الدقيق.
فى الصيام راحة أكيدة للجهاز الهضمى والأمعاء فهو بمثابة الإجازة التى ترمم فيها المعدة ما أصاب خلاياها من تلف وتعيد ترشيد نسبة الحموضة فى عصارتها المعدية وتقوم الأمعاء أيضا بتجديد خلاياها وتوفر الطاقة التى تتيح لها حركة أكثر نشاطا.
مباغتة المعدة والأمعاء بكميات من الطعام غير محسوبة تربكها ومعها يرتبك عمل الكبد والبنكرياس فتبدأ أعراض عسر الهضم وألم المعدة ومعاناة القولون، لذا فالأفضل دائما الاعتدال فى سرعة تناول الطعام وقدره، الأمر الذى يتيح للجهاز الهضمى أن يعمل بكفاءة ودون مشكلات وأن يفرز عصاراته المختلفة فى وقت ملائم وقدر كاف.
استهلاك أنواع من الطعام على حساب أنواع أخرى أمر يجب الانتباه إليه
تناول اللحوم بكثرة على حساب الخضروات والفواكه الطازجة أمر له أخطاره. اللحوم بروتينات هضمها وتمثيلها غذائيا ينتج عنه مركبات خطرة لا يمكن التخلص منها بسهولة، بينما الخضراوات والفواكه تحتوى العديد من الفيتامينات والمعادن إلى جانب احتوائها على الألياف النباتية التى تساهم فى دعم حركة الأمعاء وبالتالى هضم الطعام وامتصاص مكوناته ودفع الفضلات خارج الجسم.
تناول المشروبات الغازية يرفع من نسبة الصوديوم فى الجسم وبالتالى تخزين الماء فى خلاياه مما يزيد الوزن. أيضا شرب الماء بكثرة أثناء الطعام وبعده مما يزيد من حجم المعدة فيشعر الإنسان بالجوع بعد انتهائه من طعامه بفترة وجيزة.بينما شرب الماء قبل الطعام يعاون فى حرق 30 سعرا حراريا فى كل مرة
تناول الحلويات مباشرة بعد الإفطار يؤدى إلى ارتفاع فى مستوى السكر فى الدم، الأمر الذى يبعث على الإحساس بتناول المزيد من السكر. تلك الدائرة المفرغةتحمل فى طياتها زيادة غير محسوبة فى الوزن يعجب لها الإنسان رغم أنه السبب فيها
ــ يتجاهل معظمنا الرياضة فى رمضان كأنما يصومون عنها بينما يجب أن يهتم بها من لا يمارسونها بصورة أكثر فى أيامه. الرياضة خاصة المشى بعد ساعتين من الإفطار فيها النجاة من أثر رد فعل الصيام على الجسم.
فهى بلا شك تساهم فى حرق الطاقة واستنفادها بدلا من ادخارها فى صورة دهون لا تعنى أى عضو من أعضاء الإنسان الداخلية.
إذا حرقنا الطاقة الزائدة فكيف نقاوم العطش؟
قد يتصور الإنسان أن شرب كميات كبيرة من الماء قبل الإمساك مباشرة قد يحميه من الشعور بالعطش فى اليوم التالى. الواقع أن الجسم يتخلص من تلك المياه الزائدة ولا يحتفظ إلا بما يكفيه. لذا يفضل أن يحصل الإنسان على كميات صغيرة متكررة من الماء فى الفترة بين السحور والإمساك.
تناول الخضراوات الطازجة والفاكهة فى السحور يمثل رصيدا من المياه يقيه من العطش خاصة الفواكه مثل الشمام والبطيخ ومن الخضراوات الخيار الذى قد يروى العطش بصورة تفوق الماء.قد يفيد أيضا تجنب إضافة الملح للسلاطة واستبداله بالخل أو الليمون.ــ السوائل المحلاة بالسكر لها ذات تأثير المخللات فى أنها تزيد الإحساس بالعطش لذا يجب مراعاة شرب الماء النقى بلا إضافات كما أن الشاى والقهوة تعمل كمدرات للبول لذا يجب التقليل منها متى كان ذلك ممكنا.
الصيام يزيد من حدة نقص السكر فى الجسم أثناء النهار لذا يجب مراعاة أن تتضمن وجبة السحور بعضا من مصادر الألياف الغذائية التى تحتفظ بها الأمعاء لفترة طويلة والسكريات المعقدة والنشويات التى يتم امتصاصها فى الدم ببطء مما يضمن مستوى السكر ثابتا يحفظ على الإنسان طاقته بدلا من تذبذب مستواه الذى يعلن عن نفسه بمظاهر نقص السكر كالهبوط المفاجئ والصداع وعدم القدرة على التركيز والتعرق المستمر وربما زيادته أيضا كالصداع والإحساس بالرعشة وجفاف الحلق والتوتر.
الفول على السحور مع الزبادى ثنائى يحافظ على مستوى الطاقة ويقى الجوع والعطش.
هبوط الضغط لدى البعض نتيجة لشدة إفراز العرق علاجه مزيد من الماء وبعض من الملح فى صورة بعض من المخللات أو إضافة الملح للطعام.
اثنان إلى ثلاثة لترات من الماء النقى البارد غير المثلج تحفظ للإنسان طاقته وتدعم حركة دموية نشطة تقابل مشقة الصيام بما يخفف من قسوتها.